طائر من القمر – ليلى عسيران

Description

طائر من القمر –  ليلى عسيران

(A Bird from the Moon (Antholgy in Arabic

by Layla Osseiran
ليلى عسيران

معاناتهم تختفي وراء البطل الاوحد وهو مدينة بيروت، والنماذج البشرية، المختارة بدقة ولها بعدها الانساني والاجتماعي، لا تبدو اطلاقاً المحور الحقيقي والفعلي، بل هناك فارق شاسع بين وجود النماذج والحضور الطاغي للمدينة التي احتضنتهم وفرقتهم واعادت لحمتهم بعد ان تعرضت لاشكال الفتك والعنف والدماء وتفكيك الاشلاء وخطر الزوال. ليلى عسيران بكتابها الجديد هذا بعد تسع روايات، محطة اساسية لنضجها التأليفي. تخلت بذكاء عن فلسفة الامور السياسية والعسكرية والاجتماعية التي تقاسمت الادوار في انتهاك حرمة المدينة وطعنها في القلب حيث شطرت اثنتين وعرفت شتى المآسي وانكوت بأتون النار وغاب عنها ناسها الحقيقيون ونزحت منهم عائلات وافترقت صداقات، وتمزقت علاقات، وزالت اسر، وهاجر احباء واقارب ومعارف، وبدت عندها المدينة مهجورة، خالية من نبضها المحرك للحياة وللمعرفة وللحضارة وللتاريخ، وعن المدينة تقول ليلى عسيران: "صرنا كومة من الحزن والخوف والموت، عشنا طبقة فوق طبقة من حالات لا حصر لها من انواع الفواجع، الى ان استوى جيلنا وانقطع". صحيح ان المؤلفة تستعمل "الانا" في كتابها، هذا الانا اي منا نحن جميعاً الذين عشنا الحرب، ونعرف ماذا تريد ان تقوله عن درب آلام بيروت وماذا حدث بها ولها. و"الانا" هنا للتذكير ايضاً بخطايانا تجاه ما حل بكل بناية وشارع وحي ومصدر الهام ودافع للذكريات ومسبب وجامع للحظات حميمة ولقاءات ثقافية وادبية وفنية، كل هذا يحاول "الانا" عند ليلى عسيران استدراكه واستحضاره لئلا تضيع الذاكرة الجماعية وتفرغ المدينة من بعدها التاريخي والحضاري والعصري. وبما ان "الانا" هو المحور في الكتاب، فان باقي النماذج البشرية تدور تصرفاتها واقوالها واحاديثها ولفتاتها ومآسيها وتلتف حول هذا "الانا" المنسق العام والجامع والقاسم المشترك لكل منها. ومن خلال "الانا" نتعرف الى بيروت المشدودة الاوتار والدافعة التجاذب والتباعد بينها، قسم بقي وفياً لمدينته وعايشها في معاناتها وقسم هجر لاسباب عدة وعاد يبحث عنها في العيون والخوف واللوعة لمن بقي ملتصقاً بها يعاند الجنون والموت. كان من الممكن ان تكون الاحداث متواصلة ومتتابعة منطقياً، وكان الكتاب فقد ايحاءه الخيالي الممزوج بدموع الواقع وتحول الى سرد ممل ومتعب وفارغ من اي تأثير في المشاعر. والكاتبة ادركت بجرأة كيف الدخول الى صلب موضوعها، وهو بالفعل نوع من الملحمة حيث البطل الذي لا يموت ولا يعرف التردد ولا التراجع ولا الموت، والبطل هنا هو هذه المدينة التي "لم تصدق انها مكان بدون وجه، وبدون التفاصيل، بدون باب ادريس، بدون "البرج"، بدون البحر وامتداد آفاقه، بدون الامكنة الراسخة في الذاكرة، بدون الوجوه الاليفة، بدون رابطة معينة كانت حولت بيروت الى شبه ملحمة". ولم تنس ليلى عسيران ان الاجيال تتوالى وان عليها لحمة الماضي بالحاضر لذلك ادخلت من حين الى آخر نماذج شابة تحمل ما تعلمته في الغرب واعادتها الى بيروت لتستمر الحياة وتتلاحق الاجيال في مدينة بدأت تستعيد نشاطها وهي للشباب طائر من القمر غّف علينا وقلب ترتبنا". وهي تسترد اصالتها وتعبر نحو القرن الحادي والعشرين. وبها بعض مفاتنها وبثبات "ولم تفن ولم تفقد الفرادة". وتعمد الى وصف احيائها وشوارعها وبيوتها القديمة الرائعة، ولم تغفل اي ضربة اذتها ومزّقت معالمها. تناولتها بجغرافيتها وتاريخها وحاضرها وماضيها، واحيتها ومنحتها سر الحياة الدائمة وغذتها بتراثها ومآثرها ودورها الريادي في المنطقة وتركتها تتحاور وتتناحر وتعاند وتواجه كأنها الروح الحية التي لا تقبل الهزيمة ولا تستسلم على عتبة الفواجع. وقد يكون "طائر من القمر" واحدة من صفحات ذاكرتنا الجماعية لما كانت عليه بيروت قبل الحرب وخلالها، وسيساعد الاجيال الآتية على التعرف الى مدينتهم التي ادركتها شتى العذابات دون ان تموت. لليلى عسيران دعاء للتعافي السريع والعودة الى نبض الحياة كما فعلت مدينتها ومدينتنا جميعاً.

Language: Arabic
ISBN: 2842891872
1996, paperback, 160 pages, 12.5 x 21.5cm

Book Condition: New
Publisher: دار النهار